تنزيل المقال تنزيل المقال

هل سبق أن اتخذت قرارًا ثم تشكَّكت فيه بعدها؟ هل كان هناك صوت صغير يلح بإزعاج داخل رأسك؟ هل انتابك فجأة شعور غير مفهوم بأنك قد اتخذت القرار الخاطئ؟ من المرجح أن ذلك هو حدسك؛ أي قلبك. كل شخص لديه تلك الحاسة، وهي طريقة معينة يستطيع بها الشخص أن يدرك الأشياء بناء على التجارب السابقة والرغبات غير الواعية والوضع الراهن. يمكن للحدْس أن يمدك بالبصيرة أو الفطنة اللازمة، لكن ذلك لا يجعل الحدس بالضرورة «أفضل» من الطريقة المعتادة لاتخاذ القرار، حيث يمكن لكليهما – القلب والعقل؛ المنطق والحدس – أن يعملا جنبًا إلى جنب بشكل مثمر وإيجابي. يتطلب الأمر فقط القليل من الجهد والتدرُّب.

جزء 1
جزء 1 من 3:

تقييم العقل

تنزيل المقال
  1. يرى الناس في العادة «العقل» على أنه شيء جيد، حيث يُنظر له على أنه الوسيلة التي ترشدنا نحن البشر إلى الصواب بصورة منطقية، وهو ما يتم في الغالب عن طريق تنحية العواطف والحكم المتحيز جانبًا، كذلك يساعد العقل على زيادة الاستفادة لأقصى درجة ممكنة، ولذلك يعتبره الكثير من الفلاسفة أفضل من الحدس. [١]
    • ما هو العقل؟ هذا سؤال فلسفي كبير. لنكن واضحين في البداية أننا هنا لسنا بصدد التحدث عن المخ، فالعقل هو شيء أعم وأشمل من مجرد المخ. يُعرَّف العقل في جزء منه بأنه ركيزة الوعي، أي أنه «الأنا» التي تجعلك من أنت.
    • العقل مسئول أيضًا عن المستويات العليا من التفكير، وتشمل كل من الشعور والإدراك والحكم والذاكرة. يسمح لك العقل بالمفاضلة بين الخسارة والمنفعة حتى تصل في النهاية إلى القرارات العقلانية. [٢]
  2. يتمثل التفكير العقلاني في القدرة على أخذ الكثير من المعطيات في الاعتبار وكذلك الوصول إلى المعلومات وتنظيمها وتحليلها من أجل التوصل إلى استنتاج مقنع. إنك تستخدم التفكير العقلاني خلال حياتك اليومية، سواء خلال تخطيط ميزانية أو في تحديد مزايا وعيوب وظيفة جديدة معروضة عليك أو أثناء جدالك في القضايا السياسية مع أصدقائك.
    • التفكير العقلاني شيء وثيق الصلة بالإنسانية. في الواقع إنه هو ما يميزنا عن الحيوانات وهو ما يساعدنا على استخدام المعدات وبناء المدن وتطوير التكنولوجيا وعلى الانتشار كفصائل، لذلك فهو من الخصائص ذات القيمة في حياتنا. [٣]
  3. كما نعلم جميعًا؛ فإننا – نحن البشر – وصلنا إلى ما نحن عليه الآن بفضل التفكير العقلاني، إلا أن هذا لا يعني أن الكثير منه هو الأفضل. إذا كنت من متابعي مسلسل الخيال العلمي ستار تريك فإنك تعلم أن شخصيتيِّ السيد سبوك وداتا – اللذين يتميزان بالعقلانية الشديدة – ليسا في الحقيقة من البشر، فالبشر في حاجة إلى المشاعر لأننا لسنا كالآلات.
    • يعتبر التفكير العقلاني مفيدًا بدرجة معينة، فمن الضروري لنا أن نستبعد العواطف القوية التي يمكن أن تؤثر على قراراتنا. إذا تحكمت العواطف في الناس، فهل مثلًا سيغادرون منازلهم ويسافرون من أجل الدراسة؟ العديد منهم لن يفعل، حيث ستغلبهم عاطفتهم والخوف من الابتعاد عن المقربين رغم علمهم بأن الدراسة هي الشيء الأصلح لهم.
    • مع ذلك، يمكن أحيانًا للتفكير العقلاني أن يكون متطرفًا. حيث يمكن أن يعيقنا اعتمادنا الكلي على المنطق في اتخاذ القرارات. تتضمن جميع الخيارات – سواء كانت كبيرة أو صغيرة – الكثير من المعطيات التي يستحيل الاختيار من بينها دون إنصات إلى القلب. ماذا ستأكل في الفطور على سبيل المثال؟ هل ينبغي أن تتناول طعامًا صحيًا؟ أم طعامًا بسعر مناسب؟ أم الطعام الأكثر توفيرًا للوقت؟ بدون إعمال قلبك ولو بنسبة بسيطة لن تتمكن من اتخاذ القرار. [٤]
جزء 2
جزء 2 من 3:

تقييم القلب

تنزيل المقال
  1. كثيرًا ما تجد الناس يتحدثون عن «شعورهم» أو «حدسهم»، وهو ما يصعب وضع تعريف محدد له. فكِّر فيه على أنه وسيلة تستطيع بها التوصل لأشياء آخِذًا في الاعتبار جوانب غير التي يتعامل معها التفكير المنطقي المعتاد. يمكن للقلب أن يعتمد على أشياء مثل الماضي (تجاربك) والرغبات الشخصية (أي ما تشعر به) والحاضر (جميع المعطيات والأشخاص المحيطين بك). كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى الوصول إلى نتائج مختلفة عن تلك التي يصل لها المنطق وحده. [٥]
    • ميِّز ما يصدر عن قلبك. على سبيل المثال، هل تلتمع إحدى الأفكار في ذهنك فجأة؟ يقوم المنطق في العادة على التحليل؛ أي أن التفكير يتم بشكل متسلسل. مثال على ذلك: «حسنًا، إذا لم أفعل س، فسوف يحدث ص، ومن ثم ينبغي عليّ أن أفعل س». لا يسير القلب عادة على هذا المنوال.
    • ماذا عن ذلك «الشعور»؟ أحيانًا ما يأتي الحدس في صورة إحساس غامض يصعب وصفه، بل يصعب حتى معرفة ما يعنيه هذا الشعور. قد تشعر مثلًا بالحيرة وعدم الثقة حيال شيء مثل تغيير وظيفتك دون أن تدري السبب. ظاهريًا قد يبدو كل شيء يتعلق بالوظيفة الجديدة على أفضل حال، إلا أنك لا يزال يخالجك شعور ملِح بأن هناك شيئًا خطأ. هذا هو الحدس.
  2. صوتك الداخلي ليس دائمًا واضحًا لكنه يحاول أن يخبرك بشيء، فتعلَّم كيف تستمع إليه. للبدء في ذلك، سوف تحتاج إلى إخماد صوت عقلك مؤقتًا والتركيز على سماع صوتك الداخلي. هناك بعض الطرق التي يمكنك أن تفعل ذلك من خلالها. [٦]
    • اكتب يومياتك. يمكن لكتابة أفكارك على الورق أن تساعد على حث الجانب اللاواعي من عقلك. اكتب أي شيء يخطر لك. كن عفويًا. ابدأ جملك بعبارات مثل «لدي شعور بأن..» أو «قلبي يخبرني أن..». الهدف هو تتبع استجاباتك العاطفية بدلًا من العقلانية.
    • أسكِت الصوت الناقد بداخلك مؤقتًا. قد يكون ذلك صعبًا لكن ينبغي أن تراقب الجانب العقلاني لديك. يصعب علينا الإنصات إلى القلب لأننا غالبًا ما نحاول أن نجعل كل شيء منطقي. اسمح لنفسك بالكتابة أو بالتفكير دون السماح للصوت المشكك الذي يخبرك: «هذا سخيف». [٧]
    • ابحث عن مكان هادئ. واحدة من أفضل الوسائل من أجل فتح قلبك هي التأمل الهادئ. قد يتم ذلك في صورة استرخاء أو مجرد التنزه بمفردك في الحديقة أو الغابة. ابحث عن المكان الذي يمكن فيه إطلاق العنان إلى أفكارك ومشاعرك لتتدفَّق بحرية.
  3. الحدس هو مجرد وسيلة ضمن وسائل كثيرة للوصول للمعرفة، لكنه ليس بالضرورة أفضل من عقلك أو أفضل وسيلة لاتخاذ القرارات. في حين ينبغي عليك الإنصات إلى قلبك، لا ينبغي أن تثق به ثقة كاملة، لأنه أحيانًا ما يخطئ. [٨]
    • إذا افترضنا أنك قاضيًا، وأن أمامك متهم يصر بشكل مقنع على أنه برئ، وهو ما يثير شكًا لديك ويجعلك تعيد ترتيب أفكارك، مع ذلك فإن كل الأدلة المادية تقول بأنه مذنب وقد ارتكب الجريمة. هل تستمع إلى عقلك أم قلبك؟ في هذه الحالة على الأرجح سيكون حدسك مخطئًا.
    • فكِّر كذلك في العواقب التي يمكن أن تترتب على اعتمادك على قلبك فقط في الحكم. على سبيل المثال، هل يمكن أن تغامر بوضع جميع مدخراتك المالية موضع رهن معتمدًا في ذلك على حدسك وحده؟ لنقل أن المخطط المالي قد نصحك باستثمار أموالك في صناديق الاستثمار الآمنة، لكنك لديك حقًا شعور قوي يجعلك تميل إلى استثمارها في إحدى الشركات الصاعدة حديثًا. من الأفضل في هذه الحالة أن تستمع إلى النصيحة العقلانية التي قدمها الخبير المالي بدلًا من الوثوق في حدسك.
جزء 3
جزء 3 من 3:

التوفيق بين العقل والقلب

تنزيل المقال
  1. لا يجب للعقل والقلب أن يكونا على صواب بالتناوب أو بشكل منفصل بالضرورة، بمعنى أنه يمكنك أن تجد طرقًا للجمع بينهما. ابدأ بقيمك الذاتية. غالبًا ما يخاطب القلب مجموعة من القيم الجوهرية المتأصلة بداخلك، والتي كثيرًا ما يتم التغاضي عنها خلال عملية التفكير المنطقي. تبدأ عملية التوفيق ما بين العقل والقلب من عند هذه النقطة. ينبغي عليك أن تحدد أولًا ما هي القيم الأساسية المغروسة بداخلك والتي تعبر عنك، ذلك لكي تسمح لها بتوجيه عقلك عند التفكير. [٩]
    • حاول أن تقوم بتحليل وتفكيك قيمك الأساسية إذا كنت لم يسبق لك التفكير فيها من قبل. كيف كانت نشأتك؟ اسأل نفسك ما هي القيم التي زرعها لديك وأكد عليها والداك؛ أهي الصحة أم التعليم أم الحالة الاجتماعية أم المظهر؟ على سبيل المثال هل سبق أن تمت مكافأتك من أجل تحقيق نجاح أو إنجاز كبير في المدرسة؟
    • كيف تعيش الآن؟ ينبغي أن تكن قادرًا على أن تحدد كيف ساهمت قيمك في تشكيل حياتك الحالية. هل تعيش في المدينة أم في ضاحية أم في بلدة ريفية؟ وما الذي أتى بك إلى هذا المكان؟ ما الذي تفعله من أجل كسب المال؟ من المرجح للمعلم أن يولي للمال أهمية أقل من تلك التي يوليها له موظف البنك مثلًا، وفي المقابل قد يولي موظف البنك أهمية أقل للتعليم من تلك التي يوليها له المعلم. [١٠]
    • فيما تنفق أموالك؟ هذا السؤال تحديدًا دون غيره يمكن أن يقول الكثير عن القيم التي تحكم سلوكك. هل تنفق أموالك على السيارات؟ السفر؟ الملابس؟ أو ربما على الفن والأعمال الخيرية؟
  2. ليس الهدف من التفكير وفقًا لقيمك هو إلجام عقلك أو الجانب المنطقي لديك، وإنما الهدف هو التعاون معه. بما أن قيمك الخاصة تقبع داخل قلبك، ينبغي عليك أن تُسخرها لخدمتك وتستخدمها خلال عملية التفكير المنطقي. ممن ينبغي أن تتزوج؟ أين ينبغي أن تعمل؟ يحتاج النظر في تلك الأمور إلى التفكير العقلاني، إلا أنه ينبغي عليك أيضًا أن توائم بينه وبين القيم النبيلة التي تحملها بداخلك.
    • اجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الخيارات المتاحة. ما هي المنفعة المحتملة التي ستترتب على اتخاذ أحد القرارات؟ هل سيكون هذا القرار شيئًا تندم عليه للأبد؟ يمكن أن يتركك كل من عقلك وقلبك في صراع بين مجموعة متضاربة من الأفكار بشأن أحد القرارات، لذلك سوف تحتاج إلى الإلمام بجميع الجوانب والتفاصيل ثم تقييمها.
    • تعرف على المشاكل: ما الذي يمكن أن يسير على نحو سئ؟ لنفرض أنك تفكر في الزواج وترغب حقًا في إنجاب الأطفال لكن حبيبتك قد أخبرتك بأنها لا ترغب في تكوين أسرة ولا تود أن تنجب أطفالًا. بينما يقول لك عقلك بأنك تحبها، ينبغي أن تنصت أيضًا إلى قلبك وتدرك أن الأهمية التي توليها أنت لبناء أسرة لا تتماشى مع قيم حبيبتك.
    • اكتشف الخيارات المتاحة: فكِّر جيدًا فيما يفيدك وينفعك. أحيانًا سيكون حدسك أو شعورك الأوَّلي صائبًا، مع ذلك قد يحتاج حدسك في مرات أخرى إلى الموازنة مع التفكير المنطقي.
  3. واحدة من الطرق التي تساعدك على اتخاذ القرار الجيد هي التفكير في المشكلة حسب قيمك الذاتية. ما هي العلاقة بين الحلول المتاحة وبين قيمك الشخصية؟ قد تحتاج إلى رسم خريطة بقيمك الشخصية – تتدرج من الأكثر إلى الأقل أهمية – لكي تعرف موقعها لديك. [١١]
    • رجوعًا إلى موضوع الزواج، إذا كانت مسألة الإنجاب وتكوين أسرة أمر مصيري بالنسبة لك، أي أن استمرار العلاقة من عدمه قائم على ذلك؛ فإن زواجك من شخص لا يرغب في الإنجاب يمكن أن يكون بمثابة كارثة، حتى وإن كنت تحب شريكتك. لكن إذا كان البقاء مع شريكك أهم بالنسبة لك من أمر الإنجاب، فعندها يصبح هناك مجال للتفاوض.
  4. يبدو ذلك غريبًا، أليس كذلك؟ أن تفكر في قلبك (مشاعرك) بصورة عقلانية؟ تذكَّر دائمًا أن الاثنين ليسا نقيضين لبعضهما. فقط ينبغي عليك أن تتعلم الإنصات إلى قلبك واكتشاف ما ينطوي عليه من قيم. فكِّر جيدًا واسمح لقيمك الجوهرية أن تؤثر في اتخاذك للقرارات لكن افعل ذلك بشكل عقلاني في الوقت نفسه. اختر من بين الخيارات تلك التي تخدم قيمك الشخصية والتي تضع قيمك الأهم في مرتبة أولى.
    • واصل التدرب. في النهاية سوف تجد أنك تستمد قوتك الشخصية من قرارتك وسوف تتمكن في النهاية من التوفيق بين كل من قلبك وعقلك. تستطيع من خلال الإنصات إلى قلبك أن تدرِّب عقلك على العمل بانسجام مع قلبك.

المزيد حول هذا المقال

تم عرض هذه الصفحة ٥٬٩٣٠ مرة.

هل ساعدك هذا المقال؟