PDF download تنزيل المقال PDF download تنزيل المقال

الكتابة هواية رائعة ومهارة بالغة الأهمية للجميع. لا يوجد أي قيود لتصنيف الكتابة بين مقالات وتقارير أو كتابة واقعية أو كتابة روائية تتناول المغامرات أو الخيال العلمي أو كتابة الشعر، وليس انتهاءً حتى بكتابة تقارير العمل أو المنشورات على فيسبوك؛ لك كامل الحرية للتخيل والإبداع كل الوقت، وحدودك هي السماء، وما ورائها في حقيقة الأمر. ما يتعلمه المهتم بالكتابة أول الأمر هو أن الكتابة أكبر بكثير من عملية وضع القلم على الأوراق وانتظار الإلهام، بل دائمًا ما يتطلب الأمر الكثير من القراءات السابقة والبحث والتفكير واستدعاء التجارب الشخصية والأدلة التي تثبت فكرتك، ونهاية بعد كل ذلك تأتي مرحلة المراجعة والتنقيح. لا يوجد ما يضمن أن تناسبك نفس طرق الكتابة مهما أثبتت نجاحها مع كتاب آخرين، لكن من المؤكد أن بعض الآليات المقترحة في الأجزاء التالية من المقال سوف تكون ذات فائدة كبيرة بالنسبة لك، وهو ما يساعدك على تطوير "صنعة الكتابة" وتعلم كيفية خلق إطار عام مقنع وكتابة نصوص تفاعلية ممتعة للقراءة.

جزء 1
جزء 1 من 3:

تطوير أسلوبك في الكتابة

PDF download تنزيل المقال
  1. يمكن للكتابة أن تكون هواية شخصية للغاية أو ربما أنك طامح لنشر سلسلة من الكتب ومشاركة أفكارك وخيالاتك مع القراء. قد تكون حاجتك لتعلم الكتابة مرتبطة كذلك بالحاجة لكتابة مقال مدرسي أو لأنك تحتاج إليها بشكل أو آخر في مهامك العملية في وظيفتك الحالية. الكتابة عملية صياغة للأفكار ونقلها للآخرين؛ أي أنها شبيهة تمامًا بالكلام والمحادثات، ويعني ذلك أنها مهارة مهمة للجميع أيًا كانت استخداماتها، وليست مقتصرة على من وُلدوا لديهم موهبة الكتابة. يقدر أي شخص في العالم على تحسين مهارته في الكتابة، ونقطة الانطلاق نحو هذا الهدف هي أن تتعرف على أهدافك ودوافعك من وراء الكتابة. يُسهل ذلك كثيرًا من مهمتك ويحدد لك ما تحتاج للتركيز عليه للمضي قدمًا. [١]
    • على سبيل المثال: لا تحتاج كتابة المقالات العلمية إلى ابتداع عالم روائي وشخصيات مشابهة لتلك التي تحتاج إليها في حالة الكتابة الروائية. نفهم من ذلك أن معرفتك لما أنت بصدد الكتابة حوله يساعدك كثيرًا على تصميم نهج لتحسين مهاراتك. يمكننا من هذه النقطة إذًا أن نسميها "مهارات الكتابة" بالجمع، وليست "مهارة الكتابة"، فهي ليست شيئًا واحدًا فقط لا غير.
  2. اقرأ للعديد من الكُتاب المختلفين أصحاب أساليب الكتابة المتنوعة وفي أكثر من نوع أدبي. اقرأ لمجموعة واسعة من المؤلفين والكتاب في الرواية والشعر والمقالات والتقارير الصحفية. اطلع على مختلف الأنواع الأدبية، سواء تلك التي تشغل اهتماماتك أو غيرها التي لم تظن أبدًا أنك مهتم بقراءتها. تتعرف من خلال ذلك على أساليب الكتابة المختلفة وتُوسع مداركك بخصوص صوت الكاتب وصياغته للأفكار. يُقال أن الكتابة مجرد عملية استدعاء للذاكرة، وتكون مهمة ذلك الاستدعاء أسهل عندما يتوفر لديك ذاكرة مشحونة بالأفكار والصيغ والمفردات، وتظهر هنا أهمية القراءة؛ فهي أداة شحن الذاكرة الأفضل على الإطلاق. سوف تنعكس قراءاتك على أسلوبك وصوتك المميز في الكتابة. [٢]
    • لا تقيد نفسك بالقراءة في نوع أدبي واحد أو لنوعية محددة من الكتابات. اقرأ الروايات وكذلك الكتب غير الروائية والشعر والمقالات الصحفية والمقالات الأكاديمية واطلع كذلك على كل أقسام الصحف ونصوص التسويق المكتوبة بذكاء وحرفية. يضمن لك هذا الاطلاع المستمر على أساليب الكتابة المختلفة إثراء ذهنك وزيادة قدرته على معالجة الأفكار على هيئة نصوص مكتوبة في وقت لاحق. ينشأ من خلال هذا الاطلاع ما يُسمى بأدوات الكاتب، متضمنًا ذلك كل من (المفردات والأسلوب الفني وكيفية معالجة الأفكار).
    • لا يوجد عيب كذلك من قراءة النصوص التي تساعدك بشكل مباشر على الانتهاء من كتابة النص الذي تعمل عليه في الوقت الحالي. يقول الكاتب العالمي ت. س. إليوت: "الكاتب الجيد يستعير الأفكار، والكاتب العظيم يسرقها". لا تنتظر – يحدث أبدًا – أن تنشأ نصوصك المكتوبة من الفراغ من تلقاء نفسها، لكن في المقابل تكون عبارة عن معالجتك الشخصية لمجموعة من المشاعر والأفكار التي استرقت النظر إليها من خلال نصوص ومواد أخرى من حولك. إذا كنت تكتب رواية خيال علمي على سبيل المثال، فيمكن لقراءة روايات الخيال العلمي الأخرى أن تضعك على أول الطريق لمعرفة كيفية كتابة هذا النوع من النصوص، وكذلك تستفيد كثيرًا من قراءة المقالات العلمية التي تمدك بالمواد التقنية التي تدعم حديثك بواقعية عن ذلك العالم الخيالي الصرف في الرواية، خالقًا ما يُعرف باسم "الإثارة والجاذبية العاطفية".
    • ضع لنفسك جدولًا منظمًا للقراءة. سوف ينعكس التزامك بالقراءة (ولو لمدة 20 دقيقة فقط يوميًا قبل الخلود للنوم) على تحسن أسلوبك في الكتابة بشكل غير مباشر.
  3. فكر بشكل مستمر في الموضوعات والحبكات والشخصيات التي ترغب في إضافتها لنصوصك. تحتاج دائمًا قبل البدء في الكتابة إلى امتلاك فكرة مبدئية حول ما أنت بصدد الكتابة حوله، وهو ما يُعرف بعملية "العصف الذهني" أو استغراق الكتاب المستمر بداخل عقولهم بحثًا عن شيء يمكنهم الكتابة حوله. يمكنك مثلًا أن تشعر برغبة عارمة لكتابة رواية عاطفية عن قصة حب بين مصاص دماء وفتاة من الزومبي! يمكنك الكتابة عن النباتات أو المحادثات الدائرة بين الجمادات الصامتة في المنزل التي لا يمكن لك ولأسرتك الاستماع إليها. يمكنك حتى أن تكتب عن نفسك، سواء ذكرياتك في الماضي أو معالجتك للأفكار في ذهنك في اللحظة الحالية أو تخيل شكل نفسك في المستقبل. من كل مفترق طرق يمكنك أن تخرج لملايين الاحتمالات والأفكار الأخرى التي لا تنتهي. فكر في الأمر على النحو التالي: لا يوجد شيء في العالم لا يمكنك الكتابة حوله ، لكن يظل من المفيد أن تحكم طموحك في الكتابة بإطار ذهني متمثل في محاولة الإجابة على الأسئلة التالية: [٣]
    • ما النوع الأدبي/ فئة الكتابة التي يمكن أن يُصنف نصك تبعًا لها؟
    • ما الأفكار العامة التي تمثل جوهر القصة أو النص؟
    • ما الصفات الشخصية البارزة التي يتمتع بها بطل القصة؟
    • ما الدوافع المُحركة للخصم/ أعداء البطل؟
    • ما النبرة المستخدمة في صياغة النص (الكوميديا أم الحزن والمأساة … إلى آخره)؟
    • لماذا سوف يشعر القارئ بالإثارة لمتابعة حبكة النص ومواصلة القراءة لمعرفة ما سوف يحدث في النهاية؟
  4. تحتاج بعض أنواع الكتابة إلى صياغة جدلية بدلًا من الاعتماد أكثر على الشكل الروائي والأدبي، كما هو الأمر مثلًا مع المقالات الإخبارية أو مُقدمات المجلات أو المقالات الدراسية أو الكتب العلمية. يجب عليك في هذه الحالة البدء بتضييق نطاق موضوع النص، واضعًا في الاعتبار مختلف الموضوعات والمفاهيم والأشخاص ومجموعات البيانات المتنوعة التي يمكنك الاعتماد عليها، ثم مستخدمًا كل ما سبق في تضييق نطاق الموضوع وصولًا إلى نقطة جانبية مفصلة يمكنك الاسترسال في مناقشتها وشرح وجهة نظرك. [٤]
    • اطرح على نفسك أسئلة شبيهة بما يلي: ما هي حجة المناقشة التي ترغب في استعراضها مع القراء؟ من هم الجمهور المستهدف قراءته لذلك النص؟ ما هي المفاهيم والأفكار والحقائق التي تقتضي إجراء عملية بحث مفصل حولها؟ ما هو نوع الكتابة الذي يندرج تحته هذا النص؟
    • على سبيل المثال: إذا كنت بصدد الكتابة حول كيف نجح الفراعنة في بناء الأهرامات، فعليك أن تضع قائمة بجوانب الحياة المختلفة في الفترة الزمنية التي سبقت وعاصرت بناء الأهرامات، ثم اختر من ذلك العوامل التي ترى أنها وثيقة الصلة بالإجابة على سؤال كيف تم بناء الأهرامات.
    • إذا كنت تتحدث عن موضوع عام أكثر، مثل مظاهر الحياة الحديثة في القرن الواحد والعشرين، فأنت لديك حرية أكبر في استعراض أكثر من فكرة دون أن يجمعهم صلة مباشرة ولكنها صلة عامة واسعة النطاق. يمكنك مثلًا الحديث حول الاستهلاك والعلامات التجارية العالمية الموجودة في المدن الكبرى والقرى المقفرة في الدول تحت خط الفقر، وكذلك عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات بين البشر.
  5. جرب الكتابة الحرة في محاولة لدفع أفكارك على التدفق. اضبط مؤقتًا زمنيًا يرن بعد فترة قصيرة من الوقت واستغل تلك الدقائق في الكتابة الحرة دون توقف، والتي لا تخضع لأي تقييم أو مراجعة ذهنية لما تكتبه؛ فقط اكتب كل ما يخطر على بالك. لا مجال هنا للقلق حيال الأخطاء اللغوية أو صياغة الجمل أو الحكم على جدوى ما تطرحه من أفكار. تخيل أنك تلاحق الزمن قبل حدوث انفجار ضخم بداخل عقلك وكل ما تريده الآن هو إنقاذ كل ما يمكنك إنقاذه وواصل الكتابة المتلهفة المتسارعة قبل أن ينقضي الوقت. قد لا تستخدم أبدًا أيًا من تلك النصوص، لكنك تتعلم من خلال هذا التمرين كيف تهزم حالات العجز عن الكتابة من خلال نجاحك بالفعل في ملء صفحة بيضاء بكلمات وأفكار تدور في ذهنك، وهو ما يحفز عضلات الكتابة ويشجعها على العودة للعمل. [٥]
    • يمكن تطبيق الكتابة الحرة تقريبًا على أي نوع من الكتابة. يمكنك في أثنائها كتابة قصة أو تدوين كل أفكارك وملاحظاتك التي تدور في ذهنك أو الحديث بالتفصيل حول كل ما تعرفه عن شخص/ موضوع. اترك الكلمات تتدفق دون أن تقلق حيال ما لها أن تكونه.
  6. حدد الجمهور المستهدف واضعًا في الاعتبار الخلفية المعرفية المتوفرة لديهم حول الموضوع. يقدر الكاتب الجيد دائمًا على معرفة وجهة نظر الجمهور المستهدف حول القضية التي يتناولها بنصه، أي أنه دائمًا ما يضع نفسه في مكان القارئ ومن ثم يعرف من خلال ذلك كيفية استدراجه للقراءة وإقناعه بما يريد أن يقنعه به. فكر جيدًا في الجمهور المستهدف، أي الأفراد الذين تتوجه إليهم بالحديث من خلال النص ومن يفترض لهم أن يقرؤونه ويتأثروا به. كلما تعرف جيدًا على الجمهور، كلما تمكنت من تخصيص وتهيئة النص بما يتناسب مع عقولهم وتفضيلاتهم في القراءة ونجحت في الوصول إليهم. [٦]
    • تُحدد من خلال تعريفك للجمهور المستهدف أسلوب اللغة المناسبة للنص والنقاط التي تستدعي شرحًا مفصلًا أكثر في مقابل الأفكار الأخرى الجلية التي يقدر القارئ على سد فراغتها بنفسه من واقع تجاربه وخبراته.
    • في الكتابة الأكاديمية على سبيل المثال، يفترض أنك تتشارك مع جمهور القراء الخلفية المعرفية العلمية حول موضوع النص، وهو ما يعني أنك لست بحاجة للإفراط في تعريف الأساسيات والمصطلحات التقنية المتعارف عليها (في المقابل إذا كان جمهورك المستهدف هم العامة أو المبتدئين في المجال، فأنت مضطر لشرح الأساسيات بتفصيل أكثر). تحتاج كذلك في هذا النوع من الكتابة إلى الأسلوب الموجز التقريري بدلًا من الكتابة النثرية المنمقة.
    • من الطبيعي أن يرغب الكاتب في أن ينال نصه الإعجاب من الجميع، وحقيقة الأمر أنه هدف لطالما عمل عليه المتمرسين في الكتابة (أن تكون النصوص متعددة المستويات وقابلة للقراءة والفهم من عدد كبير من القراء، كلُ على حسب معرفته وخبراته وتفضيلاته)، لكن في بداية مسيرتك في الكتابة قد يكون الأنسب لك هو التحلي بالواقعية وتحديد فئة معينة من الجمهور للتحدث إليها. قد تجذب لغتك العاطفية محبي الروايات الرومانسية لقراءة رواية الخيال العلمي التي تكتبها، لكن سيظل قراء الخيال العلمي أنفسهم راغبين في احتواء روايتك على ما يميز هذا النوع الأدبي من الكتابة (الخيال والعلم والغرائب).
  7. يلعب البحث دورًا بالغ الأهمية دائمًا أيًا كان موضوع أو نوع الكتابة التي تقوم بتنفيذها؛ في حالة المقالات القصيرة، يجب أن تجري عملية بحث حول البيانات والمصادر ذات العلاقة بموضوع المقال، وهو ما يدعم ما تعرضه من وجهة نظر بدلًا من الإغراق في الآراء الشخصية غير المثبتة. في الروايات والقصص القصيرة، يوجد ما يُسمى بالبناء غير المرئي للنص، ويُقصد به التقنيات والتاريخ والموضوعات المتعلقة والفترات الزمنية وبناء الشخصية (الواقعية والمتخيلة) والأماكن وكل شيء مشابه يتضافر سويًا في سبيل تشكيل النص القصصي النهائي. [٧]
    • كن انتقائيًا لأقصى درجة فيما يتعلق بالمعلومات التي تستقيها من الإنترنت، فالعديد من المصادر الإلكترونية غير جديرة بالثقة. تعلم كيفية الحكم على مصداقية المصادر التي تعتمد عليها في بحثك واضعًا الأولوية دائمًا للمصادر الموثوقة، مثل: الدوريات الأكاديمية والكتب التابعة لجهات النشر المتخصصة والمعتمدة، والتي تخضع محتوياتها لعملية فحص دقيق تجعل منها الخيار الأمثل لاستخراج المعلومات الموثوقة. [٨]
    • تفقد المكتبات. يمكنك دائمًا أن تجد الكثير من المعلومات الهامة حول موضوع الكتابة من خلال الكتب المتاحة في المكتبات العامة ومحلات بيع الكتب، خاصة ذلك المحتوى الذي لم يتم إتاحته عبر الإنترنت بعد. اعتمد كذلك على المكتبات التابعة للجامعات الكبيرة سعيًا للمزيد من خيارات البحث المتاحة.
    • البحث بالغ الأهمية في الأعمال الروائية والخيالية كذلك، فلا يمكنك الجلوس في المنزل وكتابة كلمة من الشرق وكلمة من الغرب واعتبار أن ذلك هو الخيال العلمي. يجب أن تمنح نصك قدرًا من المعقولية والسياق القابل للتصديق مهما كان خياليًا بالأساس، وقد يتسبب عدم إجرائك للبحث الكافي في وقوعك في أخطاء ساذجة، كأن تقول مثلًا أن بطل الرواية عاش منذ 600 عام وقابل يوليوس قيصر (الذي عاش منذ أكثر من 2000 عام)، وهو ما يفقد القارئ حماسه لمواصلة قراءة هذا النص غير المبذول جهد فيه
جزء 2
جزء 2 من 3:

صياغة النصوص

PDF download تنزيل المقال
  1. قد يضع لك مديرك أو أستاذك أو الناشر موعدًا نهائيًا لتسليم مشروع الكتابة الذي تعمل عليه، أو قد تحتاج لوضعه أنت لنفسك. وفقًا لموعد التسليم النهائي المحدد ذلك، يجب عليك أن تبدأ في وضع مجموعة من الأهداف الكتابية المتدرجة على مدار جدول زمني ممتد بهدف تحديد ما يجب عليك الانتهاء منه ومتى. يجب أن يراعي الجدول الزمني الجيد تخصيص وقت كافي للكتابة والمراجعة والتحرير وتلقي الآراء من الأهل والأصدقاء، ومن ثم إعادة العمل على المشروع لتصحيح الأخطاء ومراعاة التعليقات النقدية التي حصلت عليها من مجموعة القراء الأولى. [٩]
    • يعمل الكثير من الكتاب عادة وفق موعد تسليم نهائي مفتوح، أي إلى أن تنتهي عملية الكتابة على النحو الأمثل، لكن هذا لا يعني الحرية المطلقة أو عدم الالتزام تجاه النص، بل يجب في تلك الحالة أن تضع لنفسك هدفًا بكتابة ما لا يقل مثلًا عن 5 صفحات أو 5 آلاف كلمة يوميًا.
    • في حالات مواعيد التسليم الصارمة، كما هو الأمر مثلًا مع المقالات المدرسية، يجب أن تعمل وفق نسق زمني محدد وبلا أي تأجيل. يمكن مثلًا أن تخصص 3 أسابيع للبحث، وأسبوع للكتابة، وأسبوع للتحرير والمراجعة.
  2. يساعدك كثيرًا ألا تلقي بنفسك مباشرة في بحر الورقة البيضاء بدون أن تملك بوصلة توجيه تضمن لك البقاء على الدرب الصحيح، لذلك يبذل الكثير من الكتاب مجهودًا كبيرًا في إعداد المخططات التمهيدية للنصوص مع مراعاة احتوائها على كل النقاط الهامة والتفاصيل التخطيطية التي سوف تبني النص عليها. فكر في المخطط التمهيدي للنص على أنه الهيكل العظمي لجسد النص؛ مجموعة النقاط الرئيسية العامة، والتي تتفرع بالتفصيل لينشأ عنها كل مكونات النص النهائي أو ما يملأ ما بينها من مساحات بينية بالحقائق والمعلومات والتفاصيل في متن النص نصه أثناء مرحلة الكتابة. [١٠]
    • يجب أن يكون المخطط التمهيدي بنفس الترتيب التقريبي الذي ترغب أن يكون عليه النص النهائي؛ يمكن بالطبع أن تحدث عمليات إعادة تنظيم وترتيب في أثناء الكتابة، لكن يفترض أن يظل المخطط التمهيدي الأساسي متماسكًا بما يضمن نجاحك في الدمج بين جزئيات وموضوعات النص سويًا بسلاسة وتماسك.
    • يفضل بعض الكتاب العمل بدون مخططات تمهيدية ولا بأس من ذلك، أو ربما أنهم في حقيقة الأمر يقدرون على رؤية ذلك التخطيط ذهنيًا بداخل عقولهم بوضوح دون الحاجة لتدوينه على الورق. تختلف شخصية كل كاتب وتفضيلاته عن الآخر، ويمكنك استغلال ذلك في تخصيص المزيد من الوقت للكتابة نفسها، ومن ثم المراجعة وإعادة الكتابة، واضعًا في الاعتبار احتياجك أكثر للمراجعة لأنك لم تعمل وفقًا لهيكل واضح منظم من البداية.
  3. لا يوجد شكل واحد للكتابة الإبداعية أو الأدبية، لكن الهيكل الأساسي للقصص يفترض أن يحتوي بالترتيب على: تمهيد و صراع و ذروة و نهاية/ حل . يمكنك كسر تلك القواعد في مراحل متقدمة من مسيرتك المهنية ككاتب، لكن بالأساس التزم بالإلمام بأدواتك جيدًا وراعِ الترتيب سابق الذكر لكتابة قصصك الأولى بدرجة كافية من الاحتراف؛ امنح قصتك هيكلها القوي من خلال التقديم المفصل للبطل وشخصيات الرواية والعالم الذي يعيشون فيه، ثم أدخل على ذلك العالم شخصية أو شيء أو حدث معين يقلبه رأسًا على عقب. واصل المضي قدمًا في تعقيد الحبكة بما يخلق لحظة ذروة مكثفة ومثيرة، وفي الختام قدم نهاية منطقية وذكية ومدروسة بعناية يمكن من خلالها حل لغز أو قضية القصة. [١١]
    • لا يُقصد بكلمة "حل" دائمًا أن تكون نهاية قصتك نهاية سعيدة، خاصة إذا لم يكن ذلك هو أسلوبك المفضل. ليس من المفترض على الكتاب أن يُرضي القراء بالنهايات السارة كل الوقت، بل القاعدة الوحيدة الملزمة لك هي أن تجمع كل خيوط الحبكة سويًا في مشهد ختامي واضح ومفهوم يُقدم للقارئ معنى من وراء كل ما قرأه.
    • ينطبق التكوين سابق الذكر على العديد من أشكال الكتابة الإبداعية وليس كتابة الروايات والقصص فقط لا غير، فالعديد من كتب التاريخ المشهورة مثلًا اعتمدت على تلك البنية في تقديم الحقائق والقصص الواقعية من التاريخ.
  4. تعتمد كتابتك للمقالات الفكرية كثيرًا على طبيعة التكليف الدراسي أو جهة النشر والمعايير المتبعة في مجال التخصص. لكن تظل القواعد الأساسية لهذا النوع من النصوص هو التزامها بالتقديم العام للموضوع والقضية موضع النقاش، ثم ذكر وجهة النظر/ الحجة التي يناصرها الكاتب. تنتقل بعد ذلك إلى سرد الأدلة الداعمة متبوعة بتحليلات الكاتب وتفسيراته لتلك الأدلة ولجوانب الموضوع ككل، وفي النهاية تصل بالقارئ إلى الاستنتاج الختامي. [١٢]
    • ستحتاج في حالة إجرائك للبحث حول الموضوع وجمعك للمعلومات والبيانات بنفسك إلى أن تعرض أساليب البحث المتبعة قبل استعراض ما توصلت إليه من بيانات. يدعم ذلك مصداقية البيانات التي تبني حولها المقال.
    • من الشائع كذلك إدراج فقرات للمناقشة بين قسم التحليل والاستنتاج، ويتم من خلالها الحديث حول التفسيرات الأخرى المحتملة للبيانات ويقدم رؤية متوقعة لما يمكن بنائه وفقًا للأسئلة الجديدة التي تظهر على الساحة في نهاية عملية البحث/ قراءة نص المقال.
  5. حان وقت نقل كل ما يدور في ذهنك من أفكار إلى الورق. اكتب كل شيء تظن – ولو بنسبة ضئيلة للغاية – أنه قد يكون جزءًا من النص النهائي لمشروع الكتابة. لا تشغل بالك حاليًا بالقلق حيال الأخطاء الإملائية أو الصياغات اللغوية الركيكة، فسوف يكون أمامك مساحة من الوقت لاحقًا لتحرير وصقل النص لغويًا؛ استغل اللحظة الحالية بدايةً في التركيز على تشكيل مجموعة الأفكار المبني من حولها النص. [١٣]
    • يمكنك كتابة مسودة النص كاملة أو يمكنك إتمام المسودات على أجزاء ومراحل. قد يكون الاختيار الأخير هو الأنسب تحديدًا في حالة العمل على مشروع كتابي ضخم، حيث يكون من الأنسب كتابة مسودة فصل ثم قراءتها ومراجعتها وتحريرها، ثم كتابة مسودة الفصل التالي… وهكذا.
    • لا تشغل بالك بحتمية الالتزام بالمخطط التمهيدي، في حالة توفره لك. يفترض أن يساعدك ذلك المخطط على المضي قدمًا بنسق سلس ومتدفق أثناء كتابة النص وليس العكس، بمعنى أنه دليل إرشادي يمكن الاعتماد عليه عند الحاجة فقط لا غير، وليس كتاب قواعد ملزم يجب أن تعود إليه في كل صغيرة وكبيرة.
  6. حرر النص وصولًا للمسودة الثانية . اطلع على المسودة الأولى ثم ابدأ العمل على تحريرها وإعادة تنظيم محتواها. احرص كل الحرص على تجسيد الحبكة الرئيسية للقصة أو الحجة التي يناقشها مقالك، مع التركيز كذلك على أهمية الانتقال السلس من نقطة لأخرى. فكر أيضًا في الجزئيات التي يبدو أنها غير فعّالة ولا تحقق الغرض من ورائها كما هو مطلوب، مستبعدًا ما تشعر أنه يمكن الاستغناء عنه دون التأثير سلبًا على النص. [١٤]
    • راجع امتلاك نصك للتماسك والبناء المترابط. هل تتضافر كل أجزاء النص سويًا خالقة فكرة عامة منطقية في النهاية؟ إذا شعرت بوجود نقاط ضعف في النص، فلا تتأخر أبدًا عن إعادة المراجعة والإضافة والحذف لضمان خروج الفقرات (كوحدات بناء منفصلة) والنص ككل (كبنية متكاملة واحدة) بأفضل صورة ممكنة.
    • احكم على أهمية كل جزء من أجزاء النص. هل تلعب كل الفقرات والجمل دورًا محوريًا لتحقيق الغرض الأصلي للنص؟ هل يقدم كل قسم معلومات بالغة الأهمية ويساهم في البناء نحو حبكة القصة أو وجهة نظر المقال؟ هل قراءة تلك الجملة تساهم في تطوير رؤية القارئ للشخصية أو استيضاح وجهة نظرك المقصودة؟ إذا كانت الإجابة لا، فإما أعد تصحيح الصياغة وأضف ما يفيد تحقيق الأهداف سابقة الذكر أو احذف تلك الأجزاء نهائيًا متخلصًا من وجودها غير المفيد.
    • ابحث عن أي جوانب نقص أو أفكار مهمة تاهت عن بالك وقت الكتابة. هل كل الشخصيات أو الأفكار تم تقديمها بطريقة صحيحة؟ هل أدرجت كل البيانات والمعلومات الداعمة كما هو مخطط له؟ هل تتضافر فقرات النص بسلاسة سوية خالقة نص متكامل أم أنه توجد بعض الثغرات المنطقية؟
  7. لاحظ أن معنى الرضا عن النص في هذه المرحلة هو أنه أصبح قابلًا لعرضه على شخص آخر لمعرفة رأيه ومن ثم العودة من جديد في وقت لاحق للمزيد من التحرير والتصحيح. الكتابة المميزة تحتاج إلى الكثير من المسودات ومراحل التطوير والتحرير، وهو ما ينطبق على المقالات من صفحة واحدة أو الروايات من مئات الصفحات. لا تشعر بالكسل أبدًا الذي يمنعك عن إعادة الكتابة وإعادة التنظيم ولا تتسرع في اعتبار أنك وصلت للنص العبقري خلال يوم وليلة فقط من الكتابة. لا تنسَ كذلك الموعد النهائي لتسليم العمل واضعًا إياه في الاعتبار بما يضمن استغلالك للوقت المتاح على النحو الأمثل في سبيل التحرير والتعديل قبل تسليم النص النهائي. [١٥]
    • لا يوجد عدد متفق عليه من المسودات يضمن لك الوصول إلى النص النهائي المثالي. يختلف عدد المسودات المطلوبة وفقًا للعديد من المتغيرات، منها موعد تسليم النص وقدرتك على العمل على النص بشكل متكرر وأسلوبك الخاص في الكتابة، وبالطبع طبيعة مشروعك الكتابي نفسه، فالمشاريع الضخمة سوف تتطلب جهدًا أكبر لا شك والمراجعة والتطوير أكثر من مرة.
    • الشائع أن يشعر الكاتب دائمًا بأنه بحاجة لإضافة المزيد والمزيد للنص والمراجعة أكثر من مرة. رغم ما سبق، قد يكون الإصرار على الوصول لمستوى فائق من المثالية مميتًا لفعل الكتابة، ففي لحظة أو أخرى ستكون مجبرًا في النهاية على تنحية قلمك جانبًا والتعامل ما وصلت إليه على أنه "أفضل ما يمكن تحقيقه".
جزء 3
جزء 3 من 3:

التنقيح والمراجعة

PDF download تنزيل المقال
  1. يشمل التدقيق اللغوي على ما هو أكثر من مراجعة الأخطاء الإملائية غير المقصود، بل يصل لعملية مراجعة لغوية كاملة تتضمن التدقيق الإملائي ومراعاة الالتزام بقواعد النحو الصحيحة، وما قد يصل كذلك لعملية التحرير؛ ضبط بناء الجمل وتحسين صياغتها واختصارها. يفترض بالكاتب المتميز أن يكون ملمًا بالقواعد اللغوية دون انتظار تكليف متخصص في التدقيق اللغوي لتصحيح تلك الأخطاء، لذلك فكر في دراسة الإملاء والنحو والتحرير العربي لضمان إتقانك للكتابة اللغوية الصحيحة، واضعًا في اعتبارك أن مهمتك الأساسية ككاتب ليست مقتصرة على الأفكار والمشاعر، بل تتضمن دائمًا القدرة على إنتاج تلك الأفكار والمشاعر على هيئة نص قوي لغويًا بلا أخطاء وخاليًا من الكلمات الركيكة أو المتكررة أو الاستخدام غير الصحيح للمفردات. [١٦]
    • استفد من الأدوات الإلكترونية الحديثة والقواميس عبر شبكة الإنترنت في التحقق من استخدامك للمفردات الجدلية في موضعها الصحيح بوضوح ودقة. استعمل محررات النصوص كذلك في إتمام عمليات التدقيق الإملائي، وإن كان أغلبها لم يصل بعد لدرجة الإتقان التي يمكنك الاكتفاء بالاعتماد عليها بدون إجراء عملية مراجعة بشرية كلمة بكلمة لضمان تصحيح كل الأخطاء.
  2. هذه الخطوة بالغة الأهمية، لأن قراءتك الذاتية مليون مرة للنص سوف تختلط بما يدور في عقلك من أشياء تبدو واضحة، لكنها لم تظهر واضحة في النص، بينما في المقابل يتعامل الآخرون بتجرد مع النص ويقدرون على رؤية ما كُتب نفسه وليس ما "تظن" أنك كتبته. اطلب على الأقل رأي اثنين أو ثلاثة من أصدقائك ومعارفك الذين تثق في رأيهم، طالبًا معرفة رأيهم العام في النص كقراء، وكذلك تعليقاتهم -خاصة أصحاب الخبرة منهم في الكتابة- حول وضوح النص واتساقه والتزامك بالقواعد النحوية والإملائية الصحيحة. [١٧]
    • فكر في عرض النص على أساتذتك في المدرسة أو الجامعة أو الخبراء في مجال التخصص أو زملاء الدراسة أو العمل ومن تعرفهم من الكتاب، سواء الكتاب الصحفيين أو الروائيين بناءً على نوع النص. يمكنك كذلك الانضمام لواحدة من مجموعات الكتابة التي تسمح للكتاب أصحاب المشاريع غير المكتملة بعرض أعمالهم وقراءتها وقراءة أعمال الكتاب الآخرين وتبادل التعليقات الهادفة لتطوير تلك النصوص.
    • اطلب من الطرف الآخر التحلي بالصدق والتعليق على كل صغيرة وكبيرة يحلو لهم انتقادها بلا خجل. لا مجال هنا للمجاملة حتى لا تخلق لنفسك وهم كاذب تعيش بداخله أنت وأصدقائك المقربين، بل في حقيقة الأمر لن تصبح كاتبًا جيدًا إلا من خلال الانتقادات الصادقة اللاذعة التي قد تصل لدرجة هدم النص رأسًا على عقب والبدء فيه من جديد.
    • يختلف نوعية التعليق حسب مدى خبرة الطرف الآخر بالقراءة والكتابة، والشخص الخبير وغير الخبير لهما دور بالغ الأهمية؛ فالقارئ العادي، غير المهتم بالكتابة وغير المتمرس في القراءة، يخبرك بكيفية تلقي الجمهور العادي للنص ومدى نجاحك في لفت انتباهه والتأثير عليه، بينما في المقابل يخبرك الشخص الخبير بتعليقات تقنية متعلقة بجودة النص ويقدم لك، من واقع خبرته، اقتراحات فعالة لتطويره.
  3. لست مضطرًا للالتزام تمام الالتزام بكل ما يصل من تعليقات أو اقتراحات حول النص، لكنك في المقابل قادر على انتقاء ما يعجبك منها وترى أهميته بالفعل وتوافقه مع رؤيتك الخاصة للنص. قد تجد كذلك بعض التعليقات المتكررة والتي تعني أنه من الضروري وضعها في الاعتبار والتعامل معها بجدية شديدة. أنشئ توازنًا بين الحفاظ على الهيكل الأصلي للنص وفق رؤيتك وبين تطبيق التغييرات بناءً على اقتراحات من تثق في رأيهم. [١٨]
    • أعد قراءة النص واضعًا في الاعتبار تعليقات مجموعة القراء الأولى من أصدقائك ومعارفك، محاولًا استغلال ذلك في اكتشاف الثغرات ونقاط الضعف والأجزاء من النص التي تحتاج للمزيد من التحسين والأخرى التي يمكن حذفها نهائيًا.
    • أعد كتابة الفقرات الهامة التي لاقت انتقادًا واضحًا من القراء اعتمادًا على آرائهم التي تثري رؤيتك الكاملة للنص، وكذلك الفقرات التي اكتشفت حاجتها لإعادة الكتابة من خلال قراءتك النقدية الذاتية.
  4. يضع كل الكتاب في مسوداتهم الأولى بعض الكلمات والجمل غير الضرورية لحكي القصة أو موضوع المقال، أو تلك التي لا تُضيف شيئًا إلى دلالة الجملة؛ احذف هذا النوع من الإضافات غير المفيدة من نصك. القاعدة الأساسية للبلاغة اللغوية هي أن تكتب كلمات أقل دائمًا طالما كان ذلك ممكنًا. يتأثر بناء اللغة بأسلوب الكاتب نفسه، لكن عامة ما يُنظر إلى الكلمات الكثيرة الزائدة عن الحاجة على أنها سبب في الكتابة الركيكة المزخرفة غير سهلة القراءة. انتبه تحديدًا للجوانب التالية:
    • الصفات: الكلمات التي تصف الأسماء. تحقق الصفة دورها بفاعلية عندما يتم اختيارها بعناية وبغرض توصيل معنى مقصود. فكر في المثال التالي: "تنحى جانبًا والغضب الشديد العارم يأكل صدره" . العارم هي صفة مناسبة للغضب وتعني خروجه عن الحد، لذا لا حاجة هنا لإضافة صفة الشديد قبلها، لذا قد يكون التعبير الأفضل هو: "تنحى جانبًا والغضب العارم يحرق صدره .
    • التعابير والكلمات العامية: الاعتماد على الاصطلاحات اللغوية والكلمات الدارجة سلاح ذو حدين، فهي إما تكون نقطة قوة للنص أو نقطة ضعف تتسبب في ركاكة الصياغة. يُقصد بالاصطلاحات اللغوية الحكم أو المجازات المتعارف على استخدامه للتعبير عن معنى معين، كأن تقول "قرأ ما بين السطور" أو "على أطراف الأصابع" أو فتح صفحة جديدة"، بينما الكلمات العامية هي الكلمات غير الفصحى الدارج استخدامها في اللغات المحلية، مثل: "عربية" (سيارة) أو "رغبي" (وتعني طماع في العامية التونسية).
    • اعتمد على المجازات من أجل لغة قوية. بدلًا من الكتابة التقريرية الخبرية اعتمادًا على المبتدأ والخبر، اعتمد أكثر على الأساليب الإنشائية والاستعارات. على سبيل المثال: بدلًا من كتابة "كانت متعبة"، يُفضل استخدام جملة أقوى لغويًا مثل: "انهارت تحت ثقل من الإرهاق المضني". يناسب ذلك الكتابة الأدبية بالتحديد.
    • حروف الجر وأدوات الوصل المتتابعة: أمر يُفضل تجنبه من أجل جملة لغوية غير ركيكة. استخدم حروف الجر والظروف وأدوات الوصل في جملك، لكن لا تكررها بدرجة زائدة عن الحد. قد تكون صياغتك الأولى للجملة على النحو التالي: "صعد علاء الدين من فوق القوالب الصخرية في السلم على طول الجدار بجوار العرش"، وهو ما يمكن تغييره إلى: "تراقص علاء الدين على قوالب السلم الصخرية بالقرب من العرش". [١٩]
  5. يكون الاختيار الأمثل هو الاعتماد على النثر اللغوي المطول والمتدفق في بعض الحالات، لكن القاعدة العامة أغلب الوقت هي كتابة جمل لغوية بسيطة وواضحة. قدر الإمكان تجنب المصطلحات المعقدة والكلمات الضخمة والزخارف اللغوية، فهي على خلاف ما تظن، لن تجعلك تبدو ككاتب محترف أو جدير بالمصداقية، لكنها في أغلب الوقت تأتي بأثر عكسي. تتسبب اللغة المعقدة أو ذات المحسنات اللغوية المفرطة في إرباك القارئ وتصعيب مهمته في القراءة. ينطبق ذلك على الكتابة بكل اللغات؛ اطلع على ترجمة القطعتين التاليتين من كتابات لكل من همنجواي وفولكنر، واسأل نفسك: أيًا منهما يسهل قراءتها وفهمها؟ [٢٠]
    • "شرب مانويل البراندي. شعر أنه نائم على نفسه، وكان الجو حارًا جدًا للخروج إلى المدينة. لم يكن لديه ما يفعله كذلك. أراد أن يرى زوريتو، لكنه من الأفضل أن يستغرق في النوم في أثناء انتظاره حدوث ذلك." إرنست همنجواي - رجال بلا نساء.
    • "لم يكن يشعر بالضعف، بل كان مرفهًا في هذه الفترة الهائلة الممتدة من النقاهة الباعثة على الشفقة، حيث الوقت والعجلة والفعل أشياء غير موجودة، والثواني المتراكمة والدقائق والساعات تشير إلى أن الجسد عبد، سواء مستيقظًا أو نائمًا. كل شيء منعكس والوقت الآن هو الخادم والمرائي لمتع الجسد بدلًا من خضوع الجسد لمسار الوقت المتهور." وليام فولكنر - الهاملت
  6. يؤدي الفعل المناسب في مكانه الصحيح دورًا بالغ الأهمية في بناء الجملة ويغنيك عن الإفراط في استخدام الصفات، لذا احرص على تكوين جملك اعتمادًا على الأفعال القوية كلما توفرت لك الفرصة. [٢١]
    • انظر للجملة التالية: "دخل إلى الغرفة مندفعًا وهو يصرخ" . لا يوجد شيء خاطئ بحد ذاته في هذه الجملة، ولكنها ذات صياغة ركيكة نسبيًا. يمكنك بدلًا من ذلك تحسينها بما يضمن أن تكون أكثر تحديدًا وتستخدم فعلًا ذا دلالة بلاغية مميزة؛ فكر في كتابتها على النحو التالي مثلًا: "اندفع للغرفة صارخًا".
  7. تُكتب الجمل الفعلية في اللغة إما ببنائها للمعلوم (ذكر الفاعل) أو بنائها للمجهول (حذف الفاعل). لاحظ مثلًا الجملة السابقة نفسها "تُكتب الجمل الفعلية"، فلن تجد بها فاعل. أمثلة أخرى على ذلك: "كتب أخوك الدرس" أو "كُتب الدرس". تختلف استخدامات الأسلوبين بناءً على مواضع الكتابة، لكن فقط تأكد من اختيار الأسلوب الصحيح في موضعه الصحيح. [٢٢]
    • البناء للمعلوم هو الأكثر شيوعًا وتفضيلًا، وإن كان في بعض المجالات يكون الاعتماد أكثر على البناء للمجهول. على سبيل المثال، يمكنك أن تكتب في المقالات العلمية: "اكتُشف أن كوكب بلوتو قد خرج من المجموعة الشمسية"، وأنت هنا تسلط الضوء أكثر على الاكتشاف نفسه وليس الفاعل (الجهة المكتشفة). اختر شكل الكتابة المتوافق مع معايير الكتابة في مجال التخصص المنتمي له مشروع الكتابة.
  8. ينقسم علم البلاغة في اللغة العربية إلى ثلاثة علوم؛ علم المعاني (الخبر والإنشاء) وعلم البيان (التشبيه والاستعارة والكناية) وعلم البديع (الجناس والطباق… إلى آخره). يُعرفُ علم البلاغة لغة بأنه مصدر مشتق من الجذر الثلاثيّ (بلغ)، ومعناه الفصاحة في القول والكلام أثناء الحديث أو الكتابة، ويقصد بذلك الوصول بمفردات اللغة لما هو أبعد من التقرير أو استخدام المعاني في موضعها البديهي، بما يحرك الذهن والخيال. يساعد ذلك على تطوير الهيئة الكلية للنص خاصة عند استخدام الأساليب البلاغية في موضعها الصحيح. قارن مثلًا بين قول: "شعر أحمد بالغضب والقلق المزعج"، وقول "التهم الغضب قلب أحمد وتركه لحظة بين الصمت الشديد حزنًا وبين الرغبة في الصراخ والتهام كل ما حوله كالنيران." [٢٣]
    • من المغري للكتاب الاستغراق في التشبيهات والاستعارات، لكن يجب أن يتم استخدامها وفقًا لضوابط مرتبطة بالمعنى المطلوب من الجمل وليس كأداة للتحذلق اللغوي فقط لا غير. فكر بدلًا من ذلك في الحيل اللغوية الأكثر بساطة وتميز، مثل المحسنات البديعية بمختلف أنواعها، أو الاسترسال في الوصف اللغوي الواقعي لدرجة تخلق لغة بديعة بحد ذاتها، بدون الاعتماد على أي من المجازات.
    • من الأساليب البلاغية المميزة كذلك ما يُسمى "التجسيد"، ويقصد به منح الأشياء غير البشرية صفات بشرية، كما ذكرنا في مثال سابق "التهم الغضب"، وفيها تصوير للغضب على أنه إنسان جوعان يأكل بنهم. مثال آخر: "تراقصت الرياح بين غيوم السماء"، وفيها تشبيه للرياح بأنها فتاة جميلة ترقص، وتخبر القارئ بمعنى أن الرياح كانت قوية وقابلة للملاحظة، لكنها كانت رياح ذات أثر جميل على نفس من يشاهدها؛ كل ذلك دون الحاجة لقول: "كانت الرياح قوية لكن جميلة".
  9. تساعد علامات الترقيم على القراءة الصحيحة لتشكيلات الكلمات بداخل الجمل والفقرات الخاصة بالنص، وتغيير مكان علامة ترقيم أو استبدال واحدة بأخرى قد يغير من المعنى الكلي المفهوم من قبل القراء. استفد من علامات الترقيم كذلك في تسهيل قراءة النص لكن دون الإفراط في استخدامهم لدرجة أن تصبح تشتيتًا للقارئ. يقع الكتاب كثيرًا في خطأ الإفراط أو الاستخدام غير الصحيح لعلامات الترقيم، أو الهوس بقضايا الاستخدام الأمثل لها وفقًا للقاعدة التراثية، لكنها ببساطة لا تزيد عن كونها وسيلة لتحسين تدفق قراءة النصوص، وكلما قل الاعتماد عليها نوعًا ما كلما حققت الغرض الأصلي منها! [٢٤]
    • استخدم الفاصلة (،) في الفصل بين أجزاء الجمل الطويلة وضع النقطة (.) ما أن تجد أن معنى الجملة قد اكتملت وأصبحت مستعدًا لبدء جملة جديدة. لا تفرط في المقابل في العلامات الأخرى، مثل: علامات الاستفهام والتعجب، فالجمل الخبرية العادية مثلًا لا تحتاج إلى علامة تعجب في نهايتها؛ على خلاف المتوقع، نجد أن جملة "لقد تفاجئ محمد من رؤية زوجته من جديد!" لا تحتاج إلى علامة تعجب في نهايتها، لأن الاستغراب واضح بالفعل للقارئ من كلمة "تفاجئ".

أفكار مفيدة

  • ابحث لنفسك عن مكان تشعر فيه بالراحة للكتابة. قد تجد كذلك أن كل مرحلة من مراحل الكتابة تتم بسلاسة أكثر في مكان مغاير، كأن تُجري عملية العصف الذهني في سريرك المريح في المنزل، بينما تتم الكتابة في المقهى وعملية التحرير اللغوي الأخيرة بهدوء شديد في المكتبة.
  • تجنب الاعتماد على أساليب الكتابة القديمة أو المفردات اللغوية التراثية غير المفهومة حديثًا والتي تُعد صعبة الكتابة وصعبة على القراء لفهمها كذلك.
  • لا تمنع نفسك عن الكتابة غير الملتزمة بالترتيب النهائي للنص، فالعديد من الكتاب يبدؤون بالفصول الختامية من النص ثم يتنقلون بحرية بين الأجزاء على حسب ما يقودهم الرغبة الداخلية أو اكتمال وضوح أفكار الأقسام بداخل ذهنهم.
  • ينصح دائمًا بأن تخلق فاصل بينك وبين النص بمجرد الانتهاء من كتابة مسودته الأولى؛ ابتعد بنفسك عنه قليلًا بحيث تضمن نسيان تفاصيله وفقدان الانبهار المبدئي بحقيقة أنك كاتب هذا الكلام، وبالتالي تكون إعادتك لقراءته أشبه بما يدور في عقل القارئ العادي. تقدر من خلال ذلك على اكتشاف الكثير من الأخطاء الواضحة للغاية التي تغيب عن نظرك في أثناء الكتابة أو القراءة مباشرة بعد الانتهاء من الكتابة.
  • احفظ المفردات المتوافقة مع مجال التخصص الذي تكتب حوله. يجب أن تتقن ذكر أسماء النباتات في حالة كتابتك مقال عن النباتات أو نص روائي يتضمن الإشارة بشكل أو آخر للنباتات. اختر المفردات من نفس جنس السياق العام لموضوع الكتابة لكي تقدر على خلق صورة عامة قوية وتضع القارئ في قلب الحدث. فكر في المرادفات التي يمكن لها أن تغنيك عن كتابة كلمات أو وصف طويل، واستخدم كذلك الصور البلاغية الذكية.

المزيد حول هذا المقال

تم عرض هذه الصفحة ٧٦٬٩١٣ مرة.

هل ساعدك هذا المقال؟